Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة البقرة - الآية 200

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ۗ فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) (البقرة) mp3
يَأْمُر تَعَالَى بِذِكْرِهِ وَالْإِكْثَار مِنْهُ بَعْد قَضَاء الْمَنَاسِك وَفَرَاغهَا وَقَوْله " كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ " اِخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ فَقَالَ اِبْن جُرَيْج عَنْ عَطَاء هُوَ كَقَوْلِ الصَّبِيّ أَبَه أُمّه يَعْنِي كَمَا يَلْهَج الصَّبِيّ يَذْكُر أَبِيهِ وَأُمّه فَكَذَلِكَ أَنْتُمْ فَالْهَجُوا بِذِكْرِ اللَّه بَعْد قَضَاء النُّسُك. وَكَذَا قَالَ الضَّحَّاك وَالرَّبِيع بْن أَنَس وَرَوَى اِبْن جَرِير مِنْ طَرِيق الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس نَحْوه . وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس : كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يَقِفُونَ فِي الْمَوْسِم فَيَقُول الرَّجُل مِنْهُمْ : كَانَ أَبِي يُطْعِم وَيَحْمِل الْحِمَالَات وَيَحْمِل الدِّيَات . لَيْسَ لَهُمْ ذِكْر غَيْر فِعَال آبَائِهِمْ . فَأَنْزَلَ اللَّه عَلَى مُحَمَّد - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " فَاذْكُرُوا اللَّه كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا " قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : وَرَوَى السُّدِّيّ عَنْ أَنَس بْن مَالِك وَأَبِي وَائِل وَعَطَاء بْن أَبِي رَبَاح فِي أَحَد قَوْلَيْهِ وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَعِكْرِمَة فِي أَحَد رِوَايَاته وَمُجَاهِد وَالسُّدِّيّ وَعَطَاء الْخُرَاسَانِيّ وَالرَّبِيع بْن أَنَس وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَمُحَمَّد بْن كَعْب وَمُقَاتِل بْن حَيَّان نَحْو ذَلِكَ وَهَكَذَا حَكَاهُ اِبْن جَرِير عَنْ جَمَاعَة وَاَللَّه أَعْلَم . وَالْمَقْصُود مِنْهُ الْحَثُّ عَلَى كَثْرَة الذِّكْر لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِهَذَا كَانَ اِنْتِصَاب قَوْله أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا عَلَى التَّمْيِيز تَقْدِيره كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا وَأَوْ هَاهُنَا لِتَحْقِيقِ الْمُمَاثَلَة فِي الْخَبَر كَقَوْلِهِ " فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدّ قَسْوَة " وَقَوْله " يَخْشَوْنَ النَّاس كَخَشْيَةِ اللَّه أَوْ أَشَدّ خَشْيَة " " فَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَة أَلْف أَوْ يَزِيدُونَ" " فَكَانَ قَاب قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى " فَلَيْسَتْ هَاهُنَا لِلشَّكِّ قَطْعًا وَإِنَّمَا هِيَ لِتَحْقِيقِ الْمُخْبَر عَنْهُ كَذَلِكَ أَوْ أَزْيَد مِنْهُ . ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى أَرْشَدَ إِلَى دُعَائِهِ بَعْد كَثْرَة ذِكْره فَإِنَّهُ مَظِنَّة الْإِجَابَة وَذَمَّ مَنْ لَا يَسْأَلهُ إِلَّا فِي أَمْر دُنْيَاهُ وَهُوَ مُعْرِضٌ عَنْ أُخْرَاهُ فَقَالَ" فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ " أَيْ مِنْ نَصِيب وَلَا حَظّ وَتَضَمَّنَ هَذَا الذَّمّ وَالتَّنْفِير عَنْ التَّشَبُّه بِمَنْ هُوَ كَذَلِكَ قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس : كَانَ قَوْم مِنْ الْأَعْرَاب يَجِيئُونَ إِلَى الْمَوْقِف فَيَقُولُونَ اللَّهُمَّ اِجْعَلْهُ عَام غَيْث وَعَام خِصْب وَعَام وِلَاد حَسَن لَا يَذْكُرُونَ مِنْ أَمْر الْآخِرَة شَيْئًا فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ " فَمِنْ النَّاس مَنْ يَقُول رَبّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَة مِنْ خَلَاق " وَكَانَ يَجِيء بَعْدهمْ آخَرُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَيَقُولُونَ" رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " فَأَنْزَلَ اللَّه " أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاَللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ " وَلِهَذَا مَدَحَ مَنْ يَسْأَلهُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَقَالَ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • كي نستفيد من رمضان؟ [ دروس للبيت والمسجد ]

    كي نستفيد من رمضان؟ [ دروس للبيت والمسجد ]: قال المصنف - وفقه الله -: «فهذه بعض المسائل المتعلقة بالصيام وبشهر رمضان، وهي - في أغلبها - عبارة عن ملحوظات وتنبيهات تطرح بين حين وآخر، وتذكير بأعمال فاضلة، وكان عملي جمعها وصياغتها». - قدَّم للكتاب: العلامة الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد - رحمه الله تعالى -.

    الناشر: دار الوطن http://www.madaralwatan.com - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/364326

    التحميل:

  • تعزية أصحاب المصائب

    تعزية أصحاب المصائب: من سعيد بن علي بن وهف القحطاني إلى فضيلة الشيخ أحمد الحواشي وزوجته أم أنس وتسنيم وجميع أسرته. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فقد بلغني إحراق جامعكم ومكتبتكم وبيتكم، ووفاة ولديكم، فآلمني كثيراً، وقد اتصلت بكم مع الناس وعزيتكم، ولكن هذه تعزية خاصة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/193671

    التحميل:

  • شرح الدرة المضية في عقد أهل الفرقة المرضية

    شرح الدرة المضية في عقد أهل الفرقة المرضية للعلامة السفاريني - رحمه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/314827

    التحميل:

  • الأخلاق والقيم في الحضارة الإسلامية

    الأخلاق والقيم في الحضارة الإسلامية: تُمثِّل الأخلاق والقيم الجانبَ المعنوي أو الروحي في الحضارة الإسلامية، وأيضًا الجوهر والأساس الذي تقوم عليه أي حضارة، وفي ذات الوقت تضمن سر بقائها وصمودها عبر التاريخ والأجيال، وهو الجانب الذي إذا اختفى يومًا فإنه يُؤذِنُ بزوال الدفء المعنوي للإنسان، الذي هو رُوح الحياة والوجود؛ فيصير وقد غادرت الرحمة قلبه، وضعف وجدانه وضميره عن أداء دوره، ولم يعُدْ يعرف حقيقة وجوده فضلاً عن حقيقة نفسه، وقد بات مُكبَّلاً بقيود مادية لا يعرف فِكاكًا ولا خلاصًا.

    الناشر: موقع رسول الله http://www.rasoulallah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/339730

    التحميل:

  • المفطرات المعاصرة

    المفطرات المعاصرة : فلما فرغ الشيخ خالد بن علي المشيقح - حفظه الله - من شرح كتاب الصيام من زاد المستقنع، شرع في بيان بعض المفطرات المعاصرة التي استجدت في هذا الوقت، فبيّنها وبيّن الراجح من أقوال العلماء ... فشكر الله للشيخ ونفع به الإسلام والمسلمين وغفر له ...

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/174487

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة