Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة البقرة - الآية 60

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَإِذِ اسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ ۖ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا ۖ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ ۖ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60) (البقرة) mp3
يَقُول تَعَالَى وَاذْكُرُوا نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ فِي إِجَابَتِي لِنَبِيِّكُمْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام حِين اِسْتَسْقَانِي لَكُمْ وَتَيْسِيرِي لَكُمْ الْمَاء وَإِخْرَاجه لَكُمْ مِنْ حَجَر يُحْمَل مَعَكُمْ وَتَفْجِيرِي الْمَاء لَكُمْ مِنْهُ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَة عَيْنًا كُلّ سِبْط مِنْ أَسْبَاطكُمْ عَيْن قَدْ عَرَفُوهَا فَكُلُوا مِنْ الْمَنّ وَالسَّلْوَى وَاشْرَبُوا مِنْ هَذَا الْمَاء الَّذِي أَنْبَعْتُهُ لَكُمْ بِلَا سَعْي مِنْكُمْ وَلَا كَدّ وَاعْبُدُوا الَّذِي سَخَّرَ لَكُمْ ذَلِكَ " وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْض مُفْسِدِينَ " وَلَا تُقَابِلُوا النِّعَم بِالْعِصْيَانِ فَتُسْلَبُوهَا. وَقَدْ بَسَطَهُ الْمُفَسِّرُونَ فِي كَلَامهمْ كَمَا قَالَ : اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَجَعَلَ بَيْن ظَهْرَانِيهِمْ حَجَر مُرَبَّع وَأَمَرَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَضَرَبَهُ بِعَصَاهُ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اِثْنَتَا عَشْرَة عَيْنًا فِي كُلّ نَاحِيَة مِنْهُ ثَلَاث عُيُون وَأَعْلَمَ كُلّ سِبْط عَيْنهمْ يَشْرَبُونَ مِنْهَا لَا يَرْتَحِلُونَ مِنْ مَنْقَلَة إِلَّا وَجَدُوا ذَلِكَ مَعَهُمْ بِالْمَكَانِ الَّذِي كَانَ مِنْهُمْ بِالْمَنْزِلِ الْأَوَّل وَهَذَا قِطْعَة مِنْ الْحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن جَرِير وَابْن أَبِي حَاتِم وَهُوَ حَدِيث الْفُتُون الطَّوِيل . وَقَالَ : عَطِيَّة الْعَوْفِيّ وَجَعَلَ لَهُمْ حَجَرًا مِثْل رَأْس الثَّوْر يُحْمَل عَلَى ثَوْر فَإِذَا نَزَلُوا مَنْزِلًا وَضَعُوهُ فَضَرَبَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام بِعَصَاهُ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اِثْنَتَا عَشْرَة عَيْنًا فَإِذَا سَارُوا حَمَلُوهُ عَلَى ثَوْر فَاسْتَمْسَكَ الْمَاء وَقَالَ : عُثْمَان بْن عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ عَنْ أَبِيهِ كَانَ لِبَنِي إِسْرَائِيل حَجَر فَكَانَ يَضَعهُ هَارُون وَيَضْرِبهُ مُوسَى بِالْعَصَا وَقَالَ قَتَادَة كَانَ حَجَرًا طُورِيًّا مِنْ الطُّور يَحْمِلُونَهُ مَعَهُمْ حَتَّى إِذَا نَزَلُوا ضَرَبَهُ مُوسَى بِعَصَاهُ وَقَالَ : الزَّمَخْشَرِيّ وَقِيلَ كَانَ مِنْ رُخَام وَكَانَ ذِرَاعًا فِي ذِرَاع وَقِيلَ مِثْل رَأْس الْإِنْسَان وَقِيلَ كَانَ مِنْ الْجَنَّة طُوله عَشْرَة أَذْرُع عَلَى طُول مُوسَى وَلَهُ شُعْبَتَانِ يَتَّقِدَانِ فِي الظُّلْمَة وَكَانَ يُحْمَل عَلَى حِمَار قَالَ وَقِيلَ أَهْبَطَهُ آدَم مِنْ الْجَنَّة فَتَوَارَثُوهُ حَتَّى وَقَعَ إِلَى شُعَيْب فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ مَعَ الْعَصَا وَقِيلَ هُوَ الْحَجَر الَّذِي وَضَعَ عَلَيْهِ ثَوْبه حِين اِغْتَسَلَ فَقَالَ : لَهُ جِبْرِيل اِرْفَعْ هَذَا الْحَجَر فَإِنَّ فِيهِ قُدْرَة وَلَك فِيهِ مُعْجِزَة فَحَمَلَهُ فِي مِخْلَاته قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ مُحْتَمَل أَنْ تَكُون اللَّام لِلْجِنْسِ لَا لِلْعَهْدِ أَيْ اِضْرِبْ الشَّيْء الَّذِي يُقَال لَهُ الْحَجَر وَعَنْ الْحَسَن لَمْ يَأْمُرهُ أَنْ يَضْرِب حَجَرًا بِعَيْنِهِ قَالَ وَهَذَا أَظْهَر فِي الْمُعْجِزَة وَأَبْيَن فِي الْقُدْرَة فَكَانَ يَضْرِب الْحَجَر بِعَصَاهُ فَيَنْفَجِر ثُمَّ يَضْرِبهُ فَيَيْبَس فَقَالُوا إِنْ فَقَدَ مُوسَى هَذَا الْحَجَر عَطِشْنَا فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ أَنْ يُكَلِّم الْحِجَارَة فَتَنْفَجِر وَلَا يَمَسّهَا بِالْعَصَا لَعَلَّهُمْ يُقِرُّونَ وَاَللَّه أَعْلَم وَقَالَ يَحْيَى بْن النَّضْر : قُلْت لِجُوَيْبِر كَيْف عَلِمَ كُلّ أُنَاس مَشْرَبهمْ ؟ قَالَ : كَانَ مُوسَى يَضَع الْحَجَر وَيَقُوم مِنْ كُلّ سِبْط رَجُل وَيَضْرِب مُوسَى الْحَجَر فَيَنْفَجِر مِنْهُ اِثْنَتَا عَشْرَة عَيْنًا فَيَنْضَح مِنْ كُلّ عَيْن عَلَى رَجُل فَيَدْعُو ذَلِكَ الرَّجُل سِبْطه إِلَى تِلْكَ الْعَيْن وَقَالَ الضَّحَّاك : قَالَ اِبْن عَبَّاس لَمَّا كَانَ بَنُو إِسْرَائِيل فِي التِّيه شَقَّ لَهُمْ مِنْ الْحَجَر أَنْهَارًا وَقَالَ الثَّوْرِيّ عَنْ أَبِي سَعِيد عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس : قَالَ ذَلِكَ فِي التِّيه ضَرَبَ لَهُمْ مُوسَى الْحَجَر فَصَارَ مِنْهُ اِثْنَتَيْ عَشْرَة عَيْنًا مِنْ مَاء لِكُلِّ سِبْط مِنْهُمْ عَيْن يَشْرَبُونَ مِنْهَا وَقَالَ مُجَاهِد نَحْو قَوْل اِبْن عَبَّاس وَهَذِهِ الْقِصَّة شَبِيهَة بِالْقِصَّةِ الَّتِي فِي سُورَة الْأَعْرَاف وَلَكِنْ تِلْكَ مَكِّيَّة ; فَلِذَلِكَ كَانَ الْإِخْبَار عَنْهُمْ بِضَمِيرِ الْغَائِب لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى يَقُصّ عَلَى رَسُوله - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فَعَلَ بِهِمْ . وَأَمَّا فِي هَذِهِ السُّورَة وَهِيَ الْبَقَرَة فَهِيَ مَدَنِيَّة فَلِهَذَا كَانَ الْخِطَاب فِيهَا مُتَوَجِّهًا إِلَيْهِمْ وَأَخْبَرَ هُنَاكَ بِقَوْلِهِ " فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اِثْنَتَا عَشْرَة عَيْنًا " وَهُوَ أَوَّل الِانْفِجَار وَأَخْبَرَ هَاهُنَا بِمَا آل إِلَيْهِ الْحَال آخِرًا وَهُوَ الِانْفِجَار فَنَاسَبَ ذِكْر الِانْفِجَار هَاهُنَا وَذَاكَ هُنَاكَ وَاَللَّه أَعْلَم . وَبَيْن السِّيَاقَيْنِ تَبَايُن مِنْ عَشْرَة أَوْجُه لَفْظِيَّة وَمَعْنَوِيَّة قَدْ سَأَلَ عَنْهَا الزَّمَخْشَرِيّ فِي تَفْسِيره وَأَجَابَ عَنْهَا بِمَا عِنْده وَالْأَمْر فِي ذَلِكَ قَرِيب وَاَللَّه أَعْلَم .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • شرح الدروس المهمة لعامة الأمة

    الدروس المهمة لعامة الأمة: هذه الرسالة على صغر حجمها جمع المؤلف - رحمه الله - بين دفتيها سائر العلوم الشرعية من أحكام الفقه الأكبر والفقه الأصغر، وما ينبغي أن يكون عليه المسلم من الأخلاق الشرعية والآداب الإسلامية، وختم هذه الرسالة بالتحذير من الشرك وأنواع المعاصي، فأتت الرسالة بما ينبغي أن يكون عليه المسلم عقيدة وعبادةً، وسلوكا ومنهجا، فهذه الرسالة اسم على مسمى فهي بحق الدروس المهمة لعامة الأمة.؛ لذا قام العديد من المشايخ بشرح هذه الرسالة اللطيفة، ومن هذه الشروح شرح الشيخ محمد بن علي العرفج - أثابه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/66738

    التحميل:

  • وأصلحنا له زوجه

    وأصلحنا له زوجه: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن من سعادة المرء في هذه الدنيا أن يرزق زوجة تؤانسه وتحادثه، تكون سكنًا له ويكون سكنًا لها، يجري بينهما من المودة والمحبة ما يؤمل كل منهما أن تكون الجنة دار الخلد والاجتماع. وهذه الرسالة إلى الزوجة طيبة المنبت التي ترجو لقاء الله - عز وجل - وتبحث عن سعادة الدنيا والآخرة».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/208982

    التحميل:

  • تلخيص كتاب الصيام من الشرح الممتع

    يقول المؤلف: هذا ملخص في كتاب الصيام (( للشرح الممتع على زاد المستقنع )) للشيخ العلامه ابن عثيمين رحمه الله، وقد اقتصرت فيه على القول الراجح أو ما يشير إليه الشيخ رحمه الله أنه الراجح، مع ذكر اختيار شيخ الإسلام أو أحد المذاهب الأربعه، إذا كان الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يرى ترجيحه، مع ذكر المتن وتوضيح ذلك إذا احتجنا لتوضيحه، ومع ذكر بعض المسائل والفوائد المكمله للباب للشيخ رحمه الله، وذكر استدراكاته على المتن إن كان هناك استدراكات.

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/286177

    التحميل:

  • قواعد الرقية الشرعية

    قواعد الرقية الشرعية: كتاب يتحدث عن القواعد الأساسية للعلاج بالرقية الشرعية المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية مع أمثلة واقعية عن تأثيرها.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/233611

    التحميل:

  • التحديث بما قيل لا يصح فيه حديث

    التحديث بما قيل لا يصح فيه حديث : كتاب في 219 صفحة طبع عام 1412هـ جعله مؤلفه أحد علوم الحديث ويعبر عنه بـ: لا يصح في الباب شيء ونحوها. ذكرها بعض العلماء في مضامين كتبهم وأول من ألف فيها على استقلال –فيما يعلم الشيخ- الموصلي ت 622هـ ومن بعده تخريج له أو تعقيب أو اختصار فجمع الشيخ ما فيها وأضاف لها ما وقف عليه وجعل مسائله على كتب وأبواب الفقه وما خرج عنها جعله في كتاب جامع وقد دعاه إلى جمع هذا الكتاب تقريب العلم لطلابه حتى ينتقلوا من قليله لكثيرة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/169195

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة