Muslim Library

تفسير القرطبي - سورة الأنبياء - الآية 1

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ (1) (الأنبياء) mp3
قَالَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود : الْكَهْف وَمَرْيَم وَطَه وَالْأَنْبِيَاء مِنْ الْعِتَاق الْأُوَل , وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي يُرِيد مِنْ قَدِيم مَا كُسِبَ وَحُفِظَ مِنْ الْقُرْآن كَالْمَالِ التِّلَاد . وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْنِي جِدَارًا فَمَرَّ بِهِ آخَر فِي يَوْم نُزُول هَذِهِ السُّورَة , فَقَالَ الَّذِي كَانَ يَبْنِي الْجِدَار : مَاذَا نَزَلَ الْيَوْم مِنْ الْقُرْآن ؟ فَقَالَ الْآخَر : نَزَلَ " اِقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابهمْ وَهُمْ فِي غَفْلَة مُعْرِضُونَ " فَنَفَّضَ يَده مِنْ الْبُنْيَان , وَقَالَ : وَاَللَّه لَا بَنَيْت أَبَدًا وَقَدْ اِقْتَرَبَ الْحِسَاب

" اِقْتَرَبَ " أَيْ قَرُبَ الْوَقْت الَّذِي يُحَاسَبُونَ فِيهِ عَلَى أَعْمَالهمْ .

" لِلنَّاسِ " قَالَ اِبْن عَبَّاس : الْمُرَاد بِالنَّاسِ هُنَا الْمُشْرِكُونَ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى : " إِلَّا اِسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ " إِلَى قَوْله : " أَفَتَأْتُونَ السِّحْر وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ " . وَقِيلَ : النَّاس عُمُوم وَإِنْ كَانَ الْمُشَار إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْت كُفَّار قُرَيْش ; يَدُلّ عَلَى ذَلِكَ مَا بَعْد مِنْ الْآيَات ; وَمَنْ عَلِمَ اِقْتِرَاب السَّاعَة قَصُرَ أَمَله , وَطَابَتْ نَفْسه بِالتَّوْبَةِ , وَلَمْ يَرْكَن إِلَى الدُّنْيَا , فَكَأَنَّ مَا كَانَ لَمْ يَكُنْ إِذَا ذَهَبَ , وَكُلّ آتٍ قَرِيب , وَالْمَوْت لَا مَحَالَة آتٍ ; وَمَوْت كُلّ إِنْسَان قِيَام سَاعَته ; وَالْقِيَامَة أَيْضًا قَرِيبَة بِالْإِضَافَةِ إِلَى مَا مَضَى مِنْ الزَّمَان , فَمَا بَقِيَ مِنْ الدُّنْيَا أَقَلّ مِمَّا مَضَى . وَقَالَ الضَّحَّاك : مَعْنَى " اِقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابهمْ " أَيْ عَذَابهمْ يَعْنِي أَهْل مَكَّة ; لِأَنَّهُمْ اِسْتَبْطَئُوا مَا وُعِدُوا بِهِ مِنْ الْعَذَاب تَكْذِيبًا , وَكَانَ قَتْلهمْ يَوْم بَدْر . النَّحَّاس : وَلَا يَجُوز فِي الْكَلَام اِقْتَرَبَ حِسَابهمْ لِلنَّاسِ ; لِئَلَّا يَتَقَدَّم مُضْمَر عَلَى مُظْهَر لَا يَجُوز أَنْ يَنْوِي بِهِ التَّأْخِير .


اِبْتِدَاء وَخَبَر . وَيَجُوز النَّصْب فِي غَيْر الْقُرْآن عَلَى الْحَال . وَفِيهِ وَجْهَانِ : أَحَدهمَا : " وَهُمْ فِي غَفْلَة مُعْرِضُونَ " يَعْنِي بِالدُّنْيَا عَنْ الْآخِرَة . الثَّانِي : عَنْ التَّأَهُّب لِلْحِسَابِ وَعَمَّا جَاءَ بِهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَهَذَا الْوَاو عِنْد سِيبَوَيْهِ بِمَعْنَى " إِذْ " وَهِيَ الَّتِي يُسَمِّيهَا النَّحْوِيُّونَ وَاو الْحَال ; كَمَا قَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : " يَغْشَى طَائِفَة مِنْكُمْ وَطَائِفَة قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسهمْ " [ آل عِمْرَان : 154 ] .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • نور البصائر والألباب في أحكام العبادات والمعاملات والحقوق والآداب

    نور البصائر والألباب في أحكام العبادات والمعاملات والحقوق والآداب : كتاب مختصر في أبواب الفقه عامة وفصولا مهمة في الآداب والحقوق صاغه بعبارة موجزة سهلة يشترك في فهمها الجميع مقتصرا على القول الراجح دون تعرض للخلاف، ويتميز أيضا بأنه يعد من أواخر ما صنف حيث فرغ منه قبل وفاته بعامين تقريبا. اعتنى به : الشيخ خالد بن عثمان السبت - أثابه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/205538

    التحميل:

  • فصول ومسائل تتعلق بالمساجد

    فصول ومسائل تتعلق بالمساجد : فإن ربنا سبحانه لما كلّف عباده وأمرهم ونهاهم شرع لهم الاجتماع لأداء بعض العبادات، وخصَّ بعض الأماكن والبقاع بفضيلة وشرف تميزت بها، وفاقت سواها في مضاعفة الأجر والثواب فيها. وقد خص الله هذه الأمة المحمدية بأن شرع لهم بناء المساجد، والسعي في عمارتها، والمسابقة إليها، وتخصيصها بأنواع من العبادة لا تصح في غيرها. ولأهمية المساجد في هذه الشريعة أحببت أن أكتب حول ما يتعلق بها هذه الصفحات، مع أن العلماء قديمًا وحديثًا قد أولوها عناية كبيرة وتوسعوا في خصائصها، ولكن من باب المساهمة ورغبة في الفائدة أكتب هذه الفصول والله الموفق.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/117129

    التحميل:

  • عالم النبات

    عالم النبات : يحتوي هذا الكتاب على بحثين: الأول: إختلاط الماء بالأرض الهامدة: د. قطب عامر فرغلي. ثانياً: نبات المحاصيل: د. السيد محمد زيدان.

    الناشر: الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة http://www.eajaz.org

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/193675

    التحميل:

  • شرح مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية [ بازمول ]

    مقدمة في أصول التفسير: هذه المقدمة من نفائس ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -، فقد ذكر فيها قواعد نافعة لفهم أصول التفسير، وهي صغيرة الحجم، تقع في 46 صفحة بحسب مجموع الفتاوى في الجزء رقم 13 من ص 329 حتى ص 375. وقد ألفها شيخ الإسلام ابن تيمية استجابة لرغبة بعض طلابه، وقد أشار إلى ذلك في المقدمة، وفي هذه الصفحة شرح لها كتبه الشيخ محمد بن عمر بن سالم بازمول - أثابه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2072

    التحميل:

  • أركان الصلاة في ضوء الكتاب والسنة

    أركان الصلاة في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة في: أركان الصلاة وواجباتها، بيَّنت فيها بإيجاز: مفهوم أركانها، وعددها، وواجبات الصلاة، وسننها، ومكروهاتها، ومبطلاتها، بالأدلة من الكتاب والسنة».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/58440

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة