Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الشعراء - الآية 226

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) (الشعراء) mp3
وَقَوْله تَعَالَى " وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ " قَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس كَانَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه أَحَدهمَا مِنْ الْأَنْصَار وَالْآخَر مِنْ قَوْم آخَرِينَ وَأَنَّهُمَا تَهَاجَيَا فَكَانَ مَعَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا غُوَاة مِنْ قَوْمه وَهُمْ السُّفَهَاء فَقَالَ اللَّه تَعَالَى " وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ " وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس أَكْثَر قَوْلهمْ يَكْذِبُونَ فِيهِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ هُوَ الْوَاقِع فِي نَفْس الْأَمْر فَإِنَّ الشُّعَرَاء يَتَبَجَّحُونَ بِأَقْوَالٍ وَأَفْعَال لَمْ تَصْدُر مِنْهُمْ وَلَا عَنْهُمْ فَيَتَكَثَّرُونَ بِمَا لَيْسَ لَهُمْ وَلِهَذَا اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء رَحِمَهُمْ اللَّه فِيمَا إِذَا اِعْتَرَفَ الشَّاعِر فِي شِعْره بِمَا يُوجِب حَدًّا هَلْ يُقَام عَلَيْهِ بِهَذَا الِاعْتِرَاف أَمْ لَا لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق وَمُحَمَّد بْن سَعْد فِي الطَّبَقَات وَالزُّبَيْر بْن بَكَّار فِي كِتَاب الْفُكَاهَة أَنَّ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ اِسْتَعْمَلَ النُّعْمَان بْن عَدِيّ بْن نَضْلَة عَلَى مَيْسَان مِنْ أَرْض الْبَصْرَة وَكَانَ يَقُول الشِّعْر فَقَالَ : أَلَا هَلْ أَتَى الْحَسْنَاء أَنَّ خَلِيلهَا بِمَيْسَان يُسْقَى فِي زُجَاج وَحَنْتَم إِذَا شِئْت غَنَّتْنِي دَهَاقِين قَرْيَة وَرَقَّاصَة تَحْنُو عَلَى كُلّ مَبْسِم فَإِنْ كُنْت نَدْمَانِي فَبِالْأَكْبَرِ اِسْقِنِي وَلَا تَسْقِنِي بِالْأَصْغَرِ الْمُتَثَلِّم لَعَلَّ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ يَسُوءهُ تَنَادُمُنَا بِالْجَوْسَقِ الْمُتَهَدِّم فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ أَيْ وَاَللَّه إِنَّهُ لَيَسُوءُنِي ذَلِكَ وَمَنْ لَقِيَهُ فَلْيُخْبِرْهُ أَنِّي قَدْ عَزَلْته وَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَر " بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم " حم تَنْزِيل الْكِتَاب مِنْ اللَّه الْعَزِيز الْعَلِيم غَافِر الذَّنْب وَقَابِل التَّوْب شَدِيد الْعِقَاب ذِي الطُّول لَا إِلَه إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِير " أَمَّا بَعْد فَقَدْ بَلَغَنِي قَوْلك : لَعَلَّ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ يَسُوءهُ تَنَادُمُنَا بِالْجَوْسَقِ الْمُتَهَدِّم وَاَيْم اللَّه إِنَّهُ لَيَسُوءنِي وَقَدْ عَزَلْتُك فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى عُمَر بَكَّتَهُ بِهَذَا الشِّعْر فَقَالَ وَاَللَّه يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ مَا شَرِبْتهَا قَطُّ وَمَا ذَاكَ الشِّعْر إِلَّا شَيْء طَفَحَ عَلَى لِسَانِي فَقَالَ عُمَر أَظُنّ ذَلِكَ وَلَكِنْ وَاَللَّه لَا تَعْمَل لِي عَمَلًا أَبَدًا وَقَدْ قُلْت مَا قُلْت فَلَمْ يُذْكَر أَنَّهُ حَدَّهُ عَلَى الشَّرَاب وَقَدْ ضَمَّنَهُ شِعْره لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ وَلَكِنْ ذَمَّهُ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَلَامَهُ عَلَى ذَلِكَ وَعَزَلَهُ بِهِ وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيث " لَأَنْ يَمْتَلِئ جَوْف أَحَدكُمْ قَيْحًا يَرِيَهُ خَيْر لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئ شِعْرًا " وَالْمُرَاد مِنْ هَذَا أَنَّ الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْقُرْآن لَيْسَ بِكَاهِنٍ وَلَا بِشَاعِرٍ لِأَنَّ حَالَهُ مُنَافٍ لِحَالِهِمْ مِنْ وُجُوه ظَاهِرَة كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْر وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْر وَقُرْآن مُبِين" وَقَالَ تَعَالَى " إِنَّهُ لَقَوْل رَسُول كَرِيم وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِر قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ " وَلَا بِقَوْلِ كَاهِن قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ تَنْزِيل مِنْ رَبّ الْعَالَمِينَ " وَهَكَذَا قَالَ هَهُنَا" وَإِنَّهُ لَتَنْزِيل رَبّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوح الْأَمِين عَلَى قَلْبك لِتَكُونَ مِنْ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيّ مُبِين" - إِلَى أَنْ قَالَ - " وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِين وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ إِنَّهُمْ عَنْ السَّمْع لَمَعْزُولُونَ" - إِلَى أَنْ قَالَ - " هَلْ أُنَبِّئكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلَ الشَّيَاطِين تَنَزَّلَ عَلَى كُلّ أَفَّاك أَثِيم يُلْقُونَ السَّمْع وَأَكْثَرهمْ كَاذِبُونَ وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ" وَقَوْله " إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات " قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق عَنْ يَزِيد بْن عَبْد اللَّه بْن قُسَيْط عَنْ أَبِي الْحَسَن سَالِم الْبَرَّاد بْن عَبْد اللَّه مَوْلَى تَمِيم الدَّارِيّ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ " وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ " جَاءَ حَسَّان بْن ثَابِت وَعَبْد اللَّه بْن رَوَاحَة وَكَعْب بْن مَالِك إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ يَبْكُونَ قَالُوا : قَدْ عَلِمَ اللَّه حِين أَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَة أَنَّا شُعَرَاء فَتَلَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • الفتح الرباني في العلاقة بين القراءات والرسم العثماني

    الفتح الرباني في العلاقة بين القراءات والرسم العثماني: قال المُصنِّف - رحمه الله -: «فمنذ زمن بعيد وأنا توَّاق إلى وضعِ مُصنَّف خاصّ أُضمِّنُه الحديثَ عن العلاقة بين القراءات والرسمِ العُثماني، وأُبيِّن فيه أن العلاقة بينهما قوية ومتينة؛ لأنه يترتَّبُ على مُخالفة (الرسم العثماني) ترك الكثير من القراءات المُتواتِرة، حتى شاءَ الله تعالى وشرحَ صدري للكتابةِ في هذا الموضوع الهامّ الذي لم أُسبَق إلى مثلهِ من قبل، وقد سمَّيتُ مُصنَّفي هذا: «الفتح الرباني في العلاقة بين القراءات والرسم العثماني». وهدَفي من وراءِ الكتابة في هذا الموضوع الهام عدَّة أمور في مُقدِّمتها ميعًا: الدفاع عن قراءات القرآن، وعن الرسم الذي كُتِب به (القرآن) بين يدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذلك الرسم الذي اكتسبَ حُكمًا شرعيًّا، وهو إجماعُ الصحابةِ عليه، كما أن هذا الرسم من عملِ بعضِ الصحابةِ - رضوان الله عليهم أجمعين -».

    الناشر: موقع الدكتور محمد محيسن http://www.mehesen.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/385225

    التحميل:

  • ثلاث رسائل للشيخ السعدي

    ثلاث رسائل للشيخ السعدي : يحتوي هذا الكتاب على ثلاث رسائل وهي: الأولى: حكم إجزاء سُبع البدنة والبقرة عن الشاة في الإهداء وغيره. الثانية: نبذة من آداب المعلمين والمتعلمين. الثالثة: نبذة مختصرة إجمالية عن الإسلام والإشارة إلى مهمات محاسنه.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/205544

    التحميل:

  • قصيدة الواعظ الأندلسي في مناقب أم المؤمنين الصديقة عائشة رضي الله عنها

    قصيدة الواعظ الأندلسي في مناقب أم المؤمنين الصديقة عائشة رضي الله عنها: قصيدة لأحد علماء وأدباء الأندلس وهو: أبو عمران موسى بن محمد الواعظ - رحمه الله -، وقد بيَّن فيها فضلَ عائشة - رضي الله عنها - ومناقبها وبيان عقيدة أهل السنة والجماعة فيها.

    المدقق/المراجع: فهد بن عبد الرحمن الرومي

    الناشر: مكتبة التوبة للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/364174

    التحميل:

  • لا جديد في أحكام الصلاة

    لا جديد في أحكام الصلاة : كتيب في 76 صفحة متوسطة الحجم طبع عام 1418هـ ألفه الشيخ للتنبيه على بعض الأخطاء في أعمال وحركات وهيئات وصفات في الصلاة تميز المعتنون بنصر السنة ومتابعة الدليل بشارات وعلامات تعبديه لا دليل عليها وهي: 1- أحداث هيئة في المصافة للصلاة. 2- وضع اليدين على النحر تحت الذقن. 3- زيادة الانفراش والتمدد في السجود. 4- الإشارة بالسبابة في الجلوس بين السجدتين. 5- التنبيه على أن قيام المصلي من ركعة لأخرى على صفة العاجن ليس من سنن الهدى-وله في هذه المسألة جزء مفرد-. 6- التنبيه على تطبيق خاطئ لحديث عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قعد في الصلاة جعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه وفرش قدمه اليمنى" الحديث أخرجه مسلم برقم (579). 7- قصد عقد التسبيح وعده على أصابع اليد اليمنى. 8- ضم العقبين في السجود.

    الناشر: دار العاصمة للنشر والتوزيع بالرياض

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/169192

    التحميل:

  • رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه

    رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه : رسالة (أرسلها) ابن القيم إلى أحد إخوانه: يحثه فيها على تعليم الخير وبذل النصيحة، ويحذر من الغفلة، ويتحدث عن الهداية، ويشرح السبل التي تنال بها الإمامة في الدين. ويذكر بعض معاني البصيرة التي ينبغي أن يكون عليها الداعي إلى الله، ويؤكد أن اللذة لا تتم إلا بأمور، وهي معرفة الله وتوحيده والأنس به والشوق إلى لقائه واجتماع القلب والهم عليه، ويدلل على ذلك بكون الصلاة جعلت قرة عين النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها. ويختم رسالته بأن ملاك هذا الشأن أربعة أمور: نية صحيحة وقوة عالية، ورغبة، ورهبة.

    المدقق/المراجع: عبد الله بن محمد المديفر

    الناشر: دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/265607

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة